20 July, 2010

لجنة الإستماع

أعتقد إن احنا الدولة الوحيدة في العالم اللي يحتاج المطرب فيها إلى تصريح للغناء. يعني اشمعنى  البيروقراطية حتقف هنا؟ بصراحة, ماعنديش أي اعتراض على البيروقراطية, يعني اشمعنى المغنواتية هما اللي حيختلفوا عن بقية الشعب ويخرجوا عن السياسة العامة بوجوب ملئ التصاريح  والتعامل مع الروتين الحكومي؟ الإعتراض الحقيقي اللي عندي هو وجود عدد من الناس اللي بيجدوا في أنفسهم الغرور الكافي لتحديد ما إذا كان فلان أو علان صوته يصلح للغناء من عدمه. أولاً, مين اللي عين الناس ده ومين اللي قال إنه المجموعة دي بتمثل الشعب بجميع طبقاته وتوجهاته الغنائية أو الفنية؟ ثم مين اللي قال إن الواحد أساساً لازم يكون صوته حلو علشان يغني؟ مين المقياس هنا؟ هل يتم مقارنة جميع المطربين الجدد بعبدالحليم حافظ مثلاً؟ هل لازم الواحد يكون صوته عامل زي صوت عبدالحليم علشان يغني؟ أنا شخصياً أعتقد إن أم كلثوم صوتها وحش وعامل زي الرجالة! ومتأكد –مع احترامي الكبير للست- إنها لو كانت غنت قدام لجنة الإستماع كان حيبقى نهارها أسود من كوع النمس على رأي صديقي محمد عبدالهادي. أنا غير معترض إطلاقاً على تمتعها بحنجرة نادرة إنما هناك فرق بين قوة الصوت وحلاوته! ثم أنا حر عايز أسمع واحد بيغني صوته وحش أو صوته حلو الموضوع دع بيرجعلي أنا! مين اللي قال إن المجموعة دي تعبر عن ذوقي أنا في الإستماع للأغاني؟
يمكن اللي مضايقني فعلاً في الموضوع ده هو التدخل في الحرية الشخصية, اعتراضي على تحكم زمرة من الأشخاص بمن يحق لي سماعه أو تحكمهم بمستقبلى الغنائي إن طقت في دماغي وقررت أغني. لعدد من الأشخاص صوتي –وليس بالضرورة الصوت هو المحدد الوحيد لإمكانية المغني في الإطراب من عدمه- قد يستحق الإستماع إليه حتى ولو من باب السخرية. الموضوع هنا هو تمتعي بحرية التعبير عن نفسي بأسلوب غنائي وهذا ما أعتبره جزء من حريتي الشخصية بالضبط كحريتي الشخصية في شراء ألبوم غنائي لشخص ليس بالضرورة حسن الصوت ولكن مايتطرق إليه من مواضيع أو ماتحمله أغانيه من ألحان يستحق الإنتباه, محمد منير كنموذج ليس مثالاً على الصوت الجميل ولكن بالنسبة لي ولمجموعة كبيرة من الناس فهو واحد من أهم –إن لم يكن أهم- مطربي الجيل.
ما يفاجئني هنا هو إحساسي بكوني من الأقلية التي يضايقها هذا التدخل السافر في حرياتنا بل وفي أذواقنا الشخصية حيث أنني حتى الآن لم أسمع اعتراضاً واحدا ولا حتى من المغنيين على هذا الوضع. ربما لكونه من الشكليات في الزمن الحالي –وعبور سريع على أي من محطات الأغاني دليل على عدم تمكن الرقابة من السيطرة حتى على الأصوات الرديئة- مما يدفعني على التساؤل على أهمية وجود هذا النوع من الرقابة من أساسه.