17 July, 2010

طيب حد يقوللي

موقف أنا متأكد إن معظمنا عدى به وإن كنت غير متأكد لو كان حد فينا فكر في معناه.
كشخص "قادر" وبعد انتشار موضوع التاكسي أبو عداد في القاهرة وتحولي لزبون باعتبار إنه قام بكسر حاجز الخوف من انتهاء كل مشوار بالتاكسي بخناقة على الأجرة, كنت في مشوار في أحد هذه التكاسي الجديدة لأفاجأ بسائق التاكسي يستأذنني في دخول محطة البنزين لتموين العربية. طبعاً تفاجأت ولكن زالت دهشتي بسرعة عندما تذكرت إن هي دي مصر يابتعة وباعتبار إن دي مش أول مرة يحصل معايا الموضوع ده فيها بس كانت أول مرة في واحد من هذه التكاسي الجديدة.
للأسف افتكرت إن سائقي هذه السيارات الجديدة هم نفسهم سائقي السيارات الجديدة واكتشفت كم كنت ساذجاً باعتقادي إنني لمجرد ركوبي سيارة جديدة ودفعي لتعرفة أكثر من سيارات التاكسي القديمة فإنني سوف أستمتع بخدمة وتعامل أرقى من العادي. صدمت أولاً من اعتبار سائق التاكسي لدخوله المحطة للتموين أمراً عادياً جداً بل وربما حقاً أصيلاً ولا مجال لي أساساً في الإعتراض عليه, يكفي أنه قام باستئذاني أولاً رغم تأكدي من كون رأيي مجرد "تحصيل حاصل" حيث أنه كان يهم بدخول المحطة فعلاً مغلقاً المجال لإبداء أي اعتراض.
رغم قلة فداحة هذه الحادثة عن موقف سابق قام فيه سائق سيارة الميكروباص بالتوقف للتشييك على ضغط الهواء والناس ياأخي قاعدة "كأنك ماجيتش" ولم يبد أحد حتى اعتراضاً بسيطاً على غرابة هذا الموقف ربما كجزء من "العشرية" التي يتصف بها شعبنا المصري الظريف وترك السائق يشوف شغله, مش كفاية إنه بيطمن على مصلحة الركاب؟
عموماً, كل هذه الحوادث إنما هي جزء من فقداننا كمصريين لإنسيانتنا الطبيعية وتجاهلنا لحقوقنا الأصيلة كبني آدميين أن تكون سيارة التاكسي أو أيما كان نوع المواصلة جاهزة لتأدية غرضها بدون تعطيلي لسبب لادخل لي به عن تقضيه حاجتي. هي جزء آخر من اضمحلال القيم الإنسانية لدينا من اهتمام بالآخرين وتقديم إي اعتبار لحريات الآخرين الشخصية ورغباتهم لدرجة أن أصبح هذا هو الأصل. يكفي للتعبير عن هذا التحور, صدمة سائق التاكسي الذي قمت باستئذانه لإشعال سيجارة خوفاً من كونه بيتضايق من ريحة السجاير أو لديه اعتراض على إشعالها في سيارته, حيث حلف لي الرجل أنني أول شخص يساله مثل هذا السؤال. لهذه الدرجة تحورت شخصيتنا, لن أقول المصرية, وإنما البشرية لدرجة اندهاشنا مِن مَن يعاملنا كبني آدمين.
مع شعب كهذا, كيف نأمل في مستقبل أحسن؟ حد يقوللي طيب يمكن أنا غلطان.

هل نققد الأمل في مصر؟

هل وصلنا في مصر إلى نقطة اللاعودة؟ نقطة انعدام الأمل في تغيير الوضع في مصر إلى الأفضل؟ ما الذي يبقي الأمل بداخلنا مشتعلاً باحتمال تحول وضع البلد وما هي الدلالات على احتمال حدوثه بالفعل؟
هل تكفي النوايا الحسنة ووجود قلة متعلمة تسعى فعلاً للتغيير؟ وما معنى أن هذه القلة تسعي فعلاً للتغيير؟ أدرك كشخص على درجة معينة من التعليم والإحتكاك بالعالم الخارجي وتصنيفي لنفسي كفرد من الطبقة المتووجود العديد من الأشياء التي يجب أن تتغير في مصر وأدرك المسئولية الملقاة على عاتقي وعاتق كل الشباب الذي يمر بنفس ظروفي ولا أنكر رغبتي لحدوث هذا التغيير.
أبسط دليل على كون التغيير هو الهم المشترك لنا هو كون هذا التغيير وسبله المحتملة هو محور حديثنا دوماً, ولكن عندما يجئ السؤال لما الذي نقوم به فعلاً لدعم هذا التغيير تكون الإجابة غالباً واحدة, سأبدأ بنفسي.
في رأيي الشخصي هذه الإجابة وحدها دلالة على فقدان الأمل لاستيعابنا بداخل عقلنا الباطل باستحالة هذا التغيير, قد نكون مليئين بالأمل في التغيير والوصول إلى وضع أفضل ولدينا العديد من النظريات والنماذج لكننا ندرك تماماً كوننا أقلية نادرة غير قادرة فعلاً على مواجهة الوضع الحالي.
مع كل مانراه من حولنا من سلبية تامة لمعظم المصريين واهتممهم التام بأنفسهم وفقدان ثقتهم نهائياً بتحسين الوضع, وكون هذا حال غالبية المصريين فما الذي يمكننا فعلاً عمله؟ المشكلة الحقيقية في مصر تكمن في تشوه الشخص المصري لدرجة عدم احساسه بسوء الحالة العامة حوله, تشوه يجعله غير قادر على تمييز الخطأ والتعليق عليه ومحاولة إصلاحه, وإنما الحادث فعلاً هو استسلام تام للوضع السئ وقبوله كوضع طبيعي ومحاولة التعايش معه دون تغييره. هذه السلبية أدت ليس فقط إلى اعتباره وضع طبيعي وإنما بمرور الوقت واعتياد المصريين عليه فإنهم فعلياً يقاومون التغيير أو محاولاته بسلبية مفزعة.
هل كوننا حنبقى كويسين ومحاولتنا وضع "نموذج يحتذى به" عند الناس الثانية كفاية لحدوث التغيير أم هو استمرار للسلبية التي نتعامل بها مع الموضوع واهتمام فقط بأنفسنا؟ هل لم أتأثر أنا بالسلبيات الموجودة بعد وجودي هنا لمدة ثلاث سنين؟ لقد عدت إلى مصر وكلي أمل بالتغيير المرتقب وانصلاح الحال في فترة كانت مليئة بالـ"حراك السياسي والمجتمعي" ورغم استمرار تفائلي بهذا الحراك واستمراره حتى ولو بصورة بسيطة تماماً ولكنه دليل على وجود حركة على الأقل. على اعتراض البعض واعترافهم بوجود مشكلة وامكانية تحسينها أو حلها. لكنني أعترف الآن بفقداني الأمل تماماً بعد معاشرتي للشعب المصري وبعد تجربتي القصيرة معه. يواتيني دوماً الإحساس بأن التغيير يجب أن يسبقه تغيير الناس أنفسهم وهنا أقف عاجزاً عن الوصول لحل يؤدي إلى إعادة تأهيل البشر أنفسهم, إلى إعادة الإحساس بالجمال والأمل إلي أناس أصبحوا جثثاً غير قادرة على الحركة بغض النظر عن كون هذا نتيجة للظروف المحيطة بهم أو غيره.
هل أصبح الحل الوحيد فعلاً الخروج من البلاد؟ شخصياً, لا أرى حلاً آخر...

16 July, 2010

لكن انظر إلي الضحايا!

لكن انظر إلي الضحايا!

أخيراً حد غيري بيقولها, المصريين لا هم شعب مضياف ولا متسامح ولا حاجة. وفي مقاله الأخير في الدستور, يؤيدني صلاح عيسى عن طريق تفسيره لحادث أوتوبيس المقاولين العرب وأنا أتفق معه تماماً في كوننا تحولنا إلى شعب متكاسل متراخي -شكراً لأبو حديد على تعريفي بمفهوم الدولة الرخوة-.
للأسف يوجد الكثير من الصفات اللي بنقولها عن نفسنا كمصريين وبنرددها كالبغبغانات بدون وجود أي دليل ملموس على وجودها أو حتى بعد أن أثبتت العديد من الحوادث انتفاء هذه الصفات من المصريين مؤخراً طبعاً كلنا سمعنا عن إحصائية أن الطفل المصري هو سادس أذكى طفل في العالم والتي بعد بحث مضني على الإنترنت لم أجد لها أي مرجعية تذكر وفي التقييم الوحيد لمستوى الذكاء على مستوى العالم لم أجد سوى كتاب واحد يربط بين غنى الشعوب ومستوى ذكائها وبه نحب بالمرتبة الستين ومع ذلك لانكف عن ترديد هذه المقولة غير مفهومة المصدر ونقتنع بها تماماً كنوع من ترضية النفس بكوننا حتى وإن كنا نعيش في بعض أتعس الظروف فإننا لازلنا نتفوق على العديد من الدول في شئ ما حتى وإن كان هذا الشئ دون أي دلالة فعلية -يعني إيه أساساً سادس أذكى طفل في العالم؟ طب وعملنا بيه إيه الطفل الخارق بتاعنا ده؟-.
لا ينفك المصريون يرددون مثل هذه العبارات والتي منها أننا شعب متدين ومضياف وكريم دون أي اعتبار للشواهد على العكس والتي نراها كل يوم في حياتنا العادية ومنها ما تحدث عنه صلاح عيسى في مقاله من كوننا شعب غير متسامح يقتات على الضعيف ويستهين به ويستجدي الحلول غير المنطقية ويتبع الخرافات بعد فقدانه الثفة تماماً بالحلول العملية.
الخطوة الأولى للحل هي الإعتراف بالمشكلة, وطالما يترسخ بداخلنا اعتقاد أننا أحسن وأنضف شعب في العالم حنفضل طول عمرنا كدة.