20 September, 2010

زهرة الخشخاش

بصراحة شديدة, لا تعني لي كما لا تمثل للعديد من المصريين لوحة زهرة الخشخاش أي قيمة ولم أضبط نفسي حزيناً على سرقتها من متحف محمود خليل بل على العكس تماماً فقدت دهشت مبدئياً لوجود لوحة للفنان فان جوخ بمتحف مصري.أعلم أن العديد منكم سوف يتهمني بالتخلف وانعدام الحس الفني لكن على العكس. لقد حاولت كثيراً الذهاب إلى متاحف الفن الحديث ليس آخرها متحف الفنون بمدينة أبردين مع صديقي سماحة وعلى الرغم من استمتاعي بالوجود في المكان ألا أنني لم أستمتع كثيراً بنوعية الفن المعروض, معظمها على الأقل. لا أجد أي متعة في النظر إلى اللوحات التجريدية وأستغرب من استمتاع البعض من النظر إلى هذه الخطوط والألوان العشوائية. قد لاينطبق هذا الكلام على لوحة زهرة الخشخاش بالضرورة لكنني كمعظم المصريين أستمتع أكثر بنوعية الفن الفلكلوري المصري سواءاً كان غناءاً أو رسماً أو شعراً. أغنية لمنير قادرة على السمو بروحي إلى مستويات أعلى بكثير من النظر إلى هذه العشوائيات التجريدية. أزعم أن عشوائيتنا التي تجدها في سوق للخضار أو المناطق العشوائية أو القديمة بمصر أو الإسكندرية, تداخل ألوان الخضار والبضاعة المعروضة مع أصوات الباعة والمشربيات والأبواب, المشغولات النحاسية بالنسبة لي أجمل بكثير من الذهاب إلى أي من هذه المعارض.
قبل حادثة السرقة لا أعتقد أن أحد المصريين -الذين لم يزر معظمهم المتحف المصري حتى- كان يعرف بوجود لوحة لفان جوخ ثمنها ملايين الجنيهات بمتحف محمود سعيد وحتى لو عرف فلا أعتقد أنه كان سيتجه للمتحف لرؤية هذه اللوحة الثمينة. المحزن حقاً في هذه الحادثة هو كم الإهمال والتسيب الذي تسرب إلى كل شئ حولنا في مصر. مجرد مثال آخر على الدولة الرخوة كما يصفها جمال أمين, حيث الأنظمة والقوانين موجودة لكنها غير متبعة. فمختلف النظم الأمنية كانت موجودة بالمتحف ألا إنها كانت شكلية وغير كافية للحفاظ على محتويات المتحف بل ومع معرفة القائمين على المتحف بعدم صلاحية معظم هذه الأنظمة لم يكلف أحدهم نفسه بالإبلاغ عن هذا الوضع أو محاولة تغييره. فما هم أي من هؤلاء العاملين -خمسون منهم كان في “إجازة” يوم السرقة- من لوحات ومعروضات لا يهتم أحد برؤيتها أو تقديرها -بما فيهم أنا شخصياً-. ان أتحدث أكثر من هذا عن موضوع الزهرة خصوصاً مع انشغال الناس بلغز أزواج زهرة الخمسة وتصريح غادة عبدالرازق بوجوب اكتفاء الرجل بزوجة واحدة والمرأة أيضاً بزوج واحد إعمالاً للعدل!
وجود لوحة ثمينة كهذه في مصر أساساً غلطة كان يجب أن يتم تفاديها بترحيل هذه اللوحة إلى بلد يهتم فيها الناس بهذا النوع من الفن وليس بلداً تستمع إلى أبو الليف و سعد الصغير والعنب العنب العنب. من هذا المنطلق أيضاً وبعد زيارتي للمتحف المصري ومتحف تاريخ العلوم بمكتبة الإسكندرية, أعتقد أن آثارنا المسروقة أسعد حظاً من آثارنا المعروضة وأطالب لحماية الباقي منها بتصديرها إلى الخارج أيضاً إلى أناس أكثر منا اهتماماً بتاريخنا وليس لدى أشخاص لم يذهبوا للمتحف إلا في زيارة مدرسية أو لالتحاقهم بكلية الفنون الجميلة