25 August, 2010

المخدة المصرية

أذكر عندما كنت صغيراً وأثناء إقامتنا المؤقتة في منزل جدتي أثناء الإجازة الصيفية تعرفي على المخدة المصرية. كعادتنا كمصريين, أصحاب حضارة تزيد على السبعة آلاف عام, وكوننا شعب ميزه الله عن بقية شعوب هذه الكرة الأرضية, بالتخلي عن المخدة العادية المتعارف عليها لدى جميع شعوب الأرض وتحويرها إلى هذا المخلوق المشوه الغريب الذي لازلنا نطلق عليه مجازاً اسم “المخدة“.

تتميز المخدة المصرية أولاً بأبعاد غير تقليدية, حيث تكون غالباً شديدة الإستطالة لتماثل عرض السرير المخصصة له, لسبب غير مفهوم طبعاً, مما يؤدي إلى عدم تناسب أغطية المخدات العادية مع هذه المخدة “المطويلة” -أشرح لاحقاً كيف أدت هذه الأبعاد إلى واحدة من أول صدمات حياتي- تكون المخدة المصرية عادة محشوة بالقطن, قد تمر هذه المعلومة مرور الكرام لكن لسبب ما, فهذه هي المعضلة الثانية للمخدة المصرية.

تختلف “حشوة” المخدات التقليدية من مخدة إلى أخرى لكن العامل المشترك بين جميع هذه الحشوات هو كونها لينة ومريحة وخفيفة حتى يتمكن النائم من إراحة رأسه عليها بعد يوم عمل شاق والتعامل معها بسهولة. يعني باختصار, مريحة, تحط رأسك عليها تغطس, ممكن تشيلها بإيد واحدة وتضبطها تحت دماغك بالضبط في المعركة اليومية المتكررة للوصول إلى وضع النوم المثالي.

لا تنطبق إي من هذه الصفات على المخدة المصرية حيث أن خللاً ما يحدث فيها جميعاً يحولها إلى مايشبه شوال الزلط من حيث الوزن والطبيعة, حيث لا تتجاوب المخدة المصرية أبداً مع وضع رأسك عليها وإنما مايحدث هو أن رأسك هي التي تتكيف على شكل المخدة غير القابلة للـ -مش عارف ألاقيلها كلمة, مش طرية يعني!- المشكلة الثانية عند محاولة النوم عليها هو اكتشافك أن طول المخدة ووزنها غير الطبيعي يؤديان معاً إلى شبه استحالة تحريك المخدة تحت رأسك أو احتضانها للعثور على وضع مناسب لها, وهنا تتحول المخدة إلى مخلوق غتت وسئيل يعكر عليك تماماً صفو النوم ويهدد الهدف الأساسي من وجود المخدة وهو الراحة.

الغريب أنه عند إثارة هذا الموضوع تطفو على السطح فوراً حقيقة كون المخدات القطنية “صحية” وهذا جانب لايمكن إغفاله طبعاً عند الشعب المصري حيث لايخفى اهتمام المصريين الكبير بصحتهم. الغريب أن حقيقة كون هذه المخدة الغريبة صحية, كعادة جميع معلومات المصريين, حقيقة غير مرتبطة بأي دراسة علمية أو دلائل عليها. هي صحية وخلاص, ليه طيب؟ ماحدش عارف. وتترسخ هذه الحقيقة لدى المصريين لدرجة اعتبارهم جميع البدائل الطبيعية للمخدة المصرية العتيدة “غير صحية” وشر لابد من الخلاص منه, بل وربما سر يجب الحفاظ عليه من الإنتشار كونه سر الحالة الصحية السليمة للمصريين والتي يحسدهم عليها سكان العالم أجمع.

اصطدمت بوجهة النظر هذه شخصياً عندما انتقلنا إلى شقتنا الجديدة وكنت حينها بالمرحلة الإعدادية حيث قررت أمي وجوب كون المخدات والمراتب بالبيت من القطن المصري الممتاز واتحفتني بمعلومة كون هذه المراتب والمخدات المحشوة بالقطن هي الخيار الصحي وأن المخدات البوليسترية والمراتب السست التي اعتدت عليها طيلة حياتي كانت خياراً غير صحي, فحمدت الله مقدماً على الطفرة الصحية التي سوف تشهدها حياتي نتيجة النوم على المراتب القطنية.

استغربت مبدئياً بعد انتهاء مرحلة التنجيد وبدء عملية نقل المراتب إلى الشقة من شيئان, أولاً الشكل الغريب ليس فقط للمخدات, بل للمراتب أيضاً التي بدت كصرر عملاقة مليئة بالقطن والذي أكسبها, وهذا هو الشئ الثاني, وزناً يقل قليلاً عن الطن للمرتبة الواحدة التي لم تتزحزح من مكانها حتى قام برفعها أربعة أشخاص معاً.

لم أعر موضوع وزن المرتبة هماً باعتبار عدم احتياجي لرفعها بعد استقرارها على مثواها الأخير حتى بدأ سريري الجديد يئن تحت حمل هذا المخلوق الغريب, وهنا استوعبت وجود ارتفاع جبلي بمنتصف المرتبة سرعان ما طمئنتني الست الوالدة إلى سبب وجوده وهو كون المرتبة “جديدة” وأنه سيختفي وستتحول المرتبة إلى مرتبة طبيعية بعد استخدامها بيوم أو اثنان. الشئ الذي مازلت أنتظر حدوثه حتى الآن.

24 August, 2010

Moved to WordPress

Dear You,

On the remote chance you were interested in this blog, it's moved now to WordPress, a step I was planning for quite a while now dumbing all my associations with google the data thieves!

Shattabna, yalla 7anrosh mayya ya gada3!