05 February, 2011

على هامش الثورة

انتهت جمعة الرحيل, ولكن ماذا حققنا في هذا اليوم؟ أولاً أتحدث بصيغة الجمع التي تعود على شباب مصر الذين أنتمي إليهم, لكنني لا أدعي كوني على نفس قدر أي من رجال ميدان التحرير, شباب مصر الذين أشعلوا ثورة الخامس والعشرين من يناير. الشباب الذي ضحى في سبيل هذه الثورة بدمه وأمنه وجهده ووقته. الشباب الذي تحاول الآن أحزاب المعارضة الكرتونية والحزب الحاكم حرمانه من هذه المعجزة التي لم يتخيل أكثرنا تفاؤلاً قدرتهم عليها حين تقدمت أحزاب المعارضة بطلباتها إلى الحزب الحاكم الذي قبل بمناقشة هذه الطلبات ووجدها مشروعة! على حد قول رئيس وزارتهم الجديد, في حين لم نسمع أي رأي لأصحاب هذه الثورة حتى الآن سوى بعض الشباب الذين ظهروا على التلفزيون المصري يتحدثون عن الوضع في ميدان التحرير وكأنه مهرجان للسينما والتلفزيون. ما أخشاه فعلاً, وهو ماقاله عزمي بشارة على شاشة الجزيرة, هو سلب الشباب ثورتهم وتحويلها إلى مجرد اعتصام يقدر الحزب الحاكم على التعايش معه بمزيد من الوعود الإصلاحية للشعب واللعب على عامل الوقت إلى أن ينسى الشعب معجزته ويضيع الزخم ويستمر النظام.
ما قاله عزمي بشارة وهو محق تماماً هو أن الحزب الحاكم يسير في طريق تحويل هذه الثورة إلى مجرد اعتصام آخر لشباب الإنترنت, الثورة تقلب نظام الحكم وتفرض شروطها على الحكم ولايبقى من التفاوض سوى كيفية تسليم هذا الحكم للثوار. أما أن يرى الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة أن أقصى مايمكن تحقيقه من هذه الثورة هو تغيير الوزارة والوعد بإصلاحات طلبها الشعب لثلاثين عاماً فهو أقصى درجات الخيانة للشباب الذي ضحى بحياته في سبيل هذه الثورة ضد هذا النظام الغاشم.
برغم العدد المهول من المصريين الذين تظاهروا من شمال البلاد إلى جنوبها. برغم المليونين الذين تظاهروا في ميدان التحرير بقلب العاصمة ألا إنني لا أزال خائفاً. معظم من قابلتهم من الناس يأخذون على هذا الشباب تعطيل لقمة عيش هذا الشعب الذي يعيش معظمه تحت خط الفقر, الناس الذين يودون لو تنتهي هذه الثورة حتى يتفرغوا لكسب العيش والعودة إلى حياتهم الطبيعية وهي الرغبة التي قد يؤدي تحقيقها إلى القضاء على مجهود شباب التحرير وتضيع على مصر والمصريين فرصة قد لن تتكرر للإمساك بزمام الوطن وتمكين الشعب من حكمه ومن فرصته في الديمقراطية.
اتفهم تماماً إصرار هؤلاء الشباب على تنحية الرئيس ,الفاقد الشرعية فعلياً, فهو قادم من فهم كامل لما أقدموا عليه, الثورة. والثورة هي أن يتنحى الحكم تماماً حتى يبدأ نظام جديد بشروط الثوار لا شروط الحاكم.
إلى كل من يدعوني إلى التوقف عن المظاهرات والإنصراف إلى عودة الحياة إلى طبيعتها وإعطاء الحكم فرصة أخيرة لمدة الأشهر القليلة المتبقية, إذا تمكن فعلاً النظام هو وأحزاب معارضته الكرتونية من إعادة الوضع إلى ماهو عليه وسلب الشباب لثورتهم فلا تلومن إلا أنفسكم وأرجوا أن تجهزوا من الآن تفسيراً عندما يسألكم أولادكم كيف بقيتم محكومون بالحديد والنار طيلة حياتكم وكيف فوتم على أنفسكم فرصة الخلاص. وكمثال على تصرفات الحكومة التي نود إعطائها فرصة أخيرة, فمن منكم يملك تفسيراً لعدم إقدام الحكومة على المجزرة التي كان يتوقعها الكل لوقفة جمعة الخلاص خصوصاً بعد إبعاد جميع المراسلين ومصادرة جميع الكاميرات التي تراقب الميدان. هل ترددوا بسبب العدد الكبير للناس الذين حضروا إلى الميدان؟ خصوصاً مع تأكيد الكثرين على تواجد كثير من البلطجية في الإنتظار قرب الميدان بل وقيامهم بعمل نقاط تفتيش على مداخل الميدان! وهي الملاحظة التي ذكرها الكثيرون ممن توافدوا إلى الميدان. هل لو كان العدد أقل من هذا أو لم تكن وسائل الإعلام وأنظار العالم كله تتجه إلى الميدان في هذا اليوم كان النظام سيقدم على القضاء على المتواجدين بالميدان؟
على جنب:
لا أعلم إن كان عدم التزام المصريين بحظر التجوال نوع من التحدي أم هو نوع من اعتياد عدم الالتزام بالنظام!
رغم إعجابي بمعظم هتافات المظاهرات التي حضرتها والتي تعبر بصدق عن سخرية المصريين وهزلهم حيث لم أتمالك نفسي عن الضحك من بعض الهتافات, فلم تعجبني إطلاقاً الشعارات الدينية خلال المظاهرات وأرى أنها تسلب الثورة من روحها الشبابية والوطنية والوحدوية بين جميع فئات الشعب المصري وتلبسها الثوب الديني. هتاف كـ "الله أكبر" و "لا إله إلا الله" ,دون انتقاص لوزنها وقوتها, لا يتناسب مع روح هذه الثورة وإنما مع روح معركة ضد الغزو الصليبي.
بعد استماعي للعديد من المعلقين على مختلف القنوات, لم يملأ دماغي غير عزمي بشارة بأسلوبه الظريف وتحليله العميق.
إلى كل من قال إن أحمد شفيق شخص جيد, هل استمعتم إلى لقائه مع التلفزيون المصري؟

No comments:

Post a Comment